صعيد جميل

بسم الله الرحمن الرحيم

وددت كثيرا ان اناقش واتحدث عن بلدتى التى نشأت واعيش فيها وأتكلم بكل صراحه عن كل ما يدور فيها وانقد الاوضاع الخاطئه ليس تحاملا منى عليها وانما حبا فيها واملا ان تكون اعظم مدن العالم وليس مصر فقط

فالحمد لله كانت نشأتى فى احدى محافظات صعيد مصر واعتقد انها محافظه شهيره الان لكثرة ما ينشر عنها الان سواء فى الاعلام المرئى او المقروء

محافظتى هى الشامخه محافظة (قنا)احدى محافظات الصعيد الجوانى -كما يطلق عليه-لبعده التام فى الماضى وانفصاله عن شمال البلاد وكذلك عن اى تيارات للتغيير والتاثير فيه.ولا اكتمكم سرا أحمد الله كثيرا على هذا الانعزال الذى حمانا - ومازال الى حد ما - يحمينا من عواصف واعاصير المدنيه التى تقتلع كل ما يقف امامها

تشكلت معالم هذا الجزء من البلاد منذ زمن بعيد اكاد لا استطيع لا انا ولا احد من سكانه تحديد هذا الزمن ،ونحن لا نشغل انفسنا كثيرا بذلك لان هذه المعالم صارت بل هى بالفعل ما نحن عليه .هى ما شكل عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا وطباعنا التى لاغنى عنها لدينا

اعلم ان هناك من سيقول اننا تخلينا بعض الشئ عن هذه العادات والتقاليد واستطعنا بالفعل الاستغناء عنها وذلك بتجربة العديد من الاناس الذين تركوا الصعيد وعاشوا خارجه . نعم هذا صحيح الى حد ما ولكن من ترك هذا المكان عانى الكثير والكثير حتى استطاع ان يتأقلم مع العالم الجديد ففى الامر صعوبه لا يستطيع الكثير منا تخطيها

معالم هذا المكان ليست كلها جيده وليست كلها رديئه -كما يراها البعض-فهو مثل اى مكان فى العالم كله به الجيد وبه الردئ .وانى ليعترينى الاستغراب كلما شاهدت المسلسلات التى باتت شئ مزعج بالنسبه لنا هنا والتى تصورنا على اننا عالم اخر او كائنات اخرى .لا لما ذلك فكلنا بنا عيوب وكلنا بشروكل منا له اسراره وحكاياته الخاصه بعالمه والتى قد تكون فى بعض الاحيان واقعيه واحيان اخرى تظهر وكأنها جزء من حكايه خياليه اسطوريه كل ذلك متوفر فى كل مكان فلما اذا التركيز علينا تحديدا؟؟

فمن الجيد فى صعيدى الغالى ان اراه يحافظ على تقاليد معينه تمنع الاختلاط المفرط فيه والذى ليس له مبرر بين الجنسين فى المناسبات او حتى التعليم فى مراحله الاولى والهامه بما يتناسب مع شريعتنا الاسلاميه فمثل هذه التنشأه للصغار اثرت فينا ايجابيا حين كبرنا فلم نستغرب هذه الفكره عندما كلفنا بها الشرع كبارا

كذلك من الجيد فى هذا المكان انه مازال يحيا بروح من الود والالفه بين الناس مما سهل علينا كثيرا ايضا تطبيق ما امرنا به الله تعالى من صلة الرحم والاحسان الى الجار وحسن الموالاه للمسلمين وحسن معاشرة غير المسلمين

ولكن كذلك تظهر العيوب فليس هناك شئ كامل - فالكمال لله وحده- فارى رياح التعصب والقبليه تهدر كثيرا من ايجابياتنا فيرانا الغير متوحشين وقاسين . ولا اعلم متى سنتخلص من هذه النقطه السوداء

اما بخصوص المحطه الهامه والتى كثيرا ما تدور بذهنى واود لو انى استطيع ان اناقش العالم كله فيها الا وهى حكايتنا نحن اهل الصعيد الطيبين وعادة الثأر

نعم نعترف ان هذه العاده مازالت موجوده عندنا ولم تنته بعد بل وانها مازالت مستوطنه وبشده فى بعض المناطق وعند بعض الطوائف. ولكن كلما فكرت فى ذلك الامر وجدت تفسيرا منطقيا لهذه الظاهره

نعم لا تستغربوا هناك بالفعل تفسيرا منطقيا .هل فكرتوا ولو لمره لما شرع الله القصاص لنا فى القتل؟

لما لم يأمرنا الله بالعفو عن القاتل وان نسامح وننسى ؟

ديننا دين السماحه والرحمه فلماذا جاء هذا الامر مخالفا لهذه التعاليم؟

اقول لكم-على الرغم من انى لست عالمه فى امور الدين-لما خلقنا الله تعالى وعلم عنا كل شئ قبل ان يخلقنا ويعلم سرنا وعلننا ويعلم عما يصلح احوالنا ،فعلم ان للنفس البشريه حدود وقدره على التحمل والصبر فعند فقد العزيز قد يتحمل البعض الفراق لعلمه انه امر الله وان احتساب الفقيد عند الله خير من نعيه .اما فى حالة فقده على يد احد البشر فيتدخل هذا العامل فى نفسية اهل الفقيد ويؤثر على مدى تقبلهم لذلك

ومن هنا كانت رحمة الله متمثله فى تشريع يعطى الحق لمن لا يستطيع ان يتعايش مع فكرة حياة شخص قاتل لعزيز على مثلا بان اقتص منه واقتله كما قتل من يخصنى .واباح كذلك من يعفو حتى لا تكون فكرة الانتقام والاقتصاص هى الوحيده

ولما ابتعدنا عن منهج الله وما شرعه الله لنا ووضعنا لانفسنا قوانينا ظنا منا انها رحمه او رأفه غيرنا ما اراده الله لنا من طمأنينه وهدوء يسود بمجرد الاقتصاص من القاتل . فظهرت هذه العاده لتدمر معانى الامان حين حدوث حادثة قتل

اعتقد ان ما توصلت اليه منطقى الى حد ما وقد لا يقبله الكثيرون ولكن هذا يريحنى قليلا

وذلك ما اردت -او استطعت-البوح به من اسرار عن صعيدى الرائع الجميل الذى مهما رايت منه فلن ابتعد عنه بقلبى

اللهم اصلح احوالنا واحوال المسلمين فى كل مكان