خليفة أم كلثوم
طفلة في الخامسة تذيع في محطة الإذاعة
كان ذلك في إحدى حفلات نادي الموسيقى الشرقي انتهى المطرب
الكبير من غناء الطقطوقة وألهب الجمهور أيديهم بالتصفيق . .
ثم وقف المذيع وأعلن عن تخت المطربة الصغيرة نجاة ، وبدأ
كل متفرج يتحدث مع جاره أو يشعل سيجارته ليقتل الوقت الذي
سيضيعه في الاستماع إلى الطفلة الصغيرة !
ووقفت الطفلة على كرسي من الخيزران وأمسكت منديلا وراحت
تحركه بحركة عصبية كما تفعل الآنسة أم كلثوم وضحك ثلاثة أو أربعة
من المتفرجين الذين لم يصرفهم الحديث عن النظر إلى المسرح ثم
بدأ ت فرقة الأطفال تعزف وراحت الطفلة تتمايل مع نغمات الموسيقى
ثم فتحت فمها وقالت : "غني يا كروان "
وهنا استدارت الأعناق وتوقف صياح المتفرجين وبطل همسهم . .
وبدأ الكثيرون يطفئون سجائرهم خشية أن يعطل دخانها سرعة وصول صوت المطربة الحنون
أنا لم أسمع الكروان في حياتي لكنه لو كان كصوت الطفلة نجاة لكان من أرق وأجمل الأصوات
كانت الطفلة تغني على الواحدة وتتمايل مع النغمة وتهتز فيهتز معها ألف متفرج ومتفرجة ، انتهت الأغنية ففقد الجمهور صوابه وراح يصيح ويهتف مطالبا بإعادة الأغنية من جديد ووقفت الطفلة في دهشة وفي عجب وراحت تتساءل عن تصفيق الجماهير فلما قيل لها يصفقون لك راحت تصفق مع المصفقين . وأذاعت محطة الإذاعة حفلة الطفلة عند منتصف الليل وفي صباح اليوم التالي راحت تليفونات المحطة تدق وإذا بالآلاف من المستمعين والمستمعات يسألون عن شخصية الطفلة نجاة ويعجبون بصوتها الحنون ولعل هذه هي المرة الأولى التي نقل فيها سيلك تليفون محطة الإذاعة مديحا في صوت مطربة من المطربات ودق الكثيرون تليفون معهد الموسيقى فقيل أن المعهد في إجازة وتحول السائلون والمستفسرون إلى الجرائد والمجلات يسألونها عن أخبار الطفلة نجاة وكأنها شيرلي تمبل أو بتي جرابل ،، وأم كلثوم الصغيرة في الخامسة من عمرها فاحمة الشعر سوداء العينين ليس فيها أثر واحد من آثار الجمال ولكنها خفيفة الدم سريعة الخاطر تتمتع بشخصية جذابة رغم أنها قد تركت المهد منذ بضع سنين
وهي ابنة الخطاط محمد حسني أفندي الذي هوى العود في شبابه وسرت الأنغام والألحان في شرايين أطفال الخطاط فعشق الابن الأكبر عز الدين عزف العود وعشق الطفل الآخر القانون والثالث الرق والرابعة الكمان وعشقت نجاة فن الغناء
ولقد عاش معهد الموسيقى 20 سنة ولم يخرج للفن إلا محمد عبد الوهاب ونحن نعتقد أن الطفلة نجاة ستحيي ذلك المعهد عشرين سنة أخرى