الفصل الأول
مشاكل الأبناء وسبل علاجها
أولا : المشاكل التي تجابه أبنائنا ، وأنواعها :
1 ـ المشـاكل السـلوكية .
2 ـ مشاكل التأخر الدراسي .
ثانياً : العوامل المسببة للمشاكل
1 ـ العوامل العقـلية .
2 ـ العوامل النفـسية .
أ ـ الشعور بالخوف .
ب ـ ضعف الثقة بالنفس .
3 ـ العوامل الاجتماعية .
4 ـ العوامل الصـحية .
5 ـ العوامل الاقتصادية .
ثالثاً : أنواع المشاكل السلوكية وسبل معالجتها :
1 ـ المشاكل السلوكية الفطرية .
2 ـ المشاكل السلوكية المكتسبة .
أولا: المشاكل التي تجابه أبنائنا :
يتعرض أبناءنا إلى العديد من المشاكل في جميع مراحل النمو، بدءاً من مرحلة الطفولة ،فمرحلة المراهقة وحتى مرحلة النضوج ، وطبيعي أن مرحلة المراهقة تعد أخطر تلك المراحل ،ولكلا الجنسين البنين والبنات على حد سواء ، حيث تحدث تطورات بيولوجية كبيرة لديهم تتطلب منا نحن المربين ، آباء وأمهات ومعلمين ،أن نعطي لهذه المرحلة من حياة أبنائنا أهمية قصوى ، فقد تكون هذه المرحلة نقطة حاسمة في حياتهم وسلوكهم خيراً كان أم شراً ، وإذا لم نعطها ذلك الاهتمام المطلوب ، والملاحظة والرعاية المستمرة فقد يؤدي بالكثير من أبنائنا إلى الانحراف ، ولاسيما في ظل مجتمع غربي يختلف كل الاختلاف عن مجتمعاتنا التي نشأنا فيها والعادات والتقاليد التي تربينا عليها ، وأنا هنا لا يمكنني القول أن كل ما تربينا عليه من عادات وتقاليد هي صحيحة،وتصلح لأجيالنا الناهضة ، وليس كل العادات والسلوكيات في المجتمع الغربي كذلك ، ففي كلا المجتمعين هناك الجيد وهناك الرديء من هذه العادات والسلوكيات ، وإن من واجبنا كمربين أن نعمل على تفاعل هذه العادات والسلوكيات في المجتمعات الغربية بشكل يمكن أبنائنا من اكتساب كل ما هو خير ومفيد ، وبالمقابل بتقديم ما ينفع أبناء هذه المجتمعات من القيم الأصيلة ، وتحذير الأبناء من تلك العادات والسلوكيات الضارة شرط أن يكون ذلك بأسلوب تربوي بعيد كل البعد عن أساليب العنف والقمع ، وينبغي أن نُشعر أبناءنا في مرحلتي المراهقة والنضوج أن العلاقات التي تربطنا وإياهم هي ليست علاقة أب وأم بأبنائهم فقط ، بل علاقة أخٍ كبير بأخيه الصغير ، أو علاقة أخت كبيرة بأختها الصغيرة ،الذين يحتاجون إلى تجاربهم في الحياة ، وأن نكون حذرين من محاولة فرض أسلوب الحياة التي تربينا عليه قسراً على أبنائنا ، فقد خلق الأبناء لزمان غير زماننا ، ولاسيما أنهم يعيشون في مجتمع يختلف كل الاختلاف عن مجتمعنا مما يجعل الأبناء يعيشون حالة من التناقض بين مجتمعهم الصغير [ البيت] ومجتمعهم الكبير ، ولاسيما انهم يقضون أغلب أوقاتهم خارج البيت .ولذلك نجد الكثير من الآباء والأمهات يعانون الكثير في تربية أبنائهم ، ويحارون في مجابهة المشاكل التي يتعرضون لها ، وكيفية التعامل معها .ولكي نتفهم طبيعة المشاكل التي تجابه أبنائنا كي يسهل علينا حلها والتغلب عليها فإننا يمكن أن نحددها في ثلاثة أقسام رئيسية :
أولاً : المشاكل والاضطرابات السلوكية .
ثانياً :المشاكل والاضطرابات الشخصية .
ثالثاً : مشاكل التأخر الدراسي .
وسأحاول فيما يلي أن أوضح كلاً منها بشيء من التفصيل ، مستعرضاً لأنواعها ، ودوافعها ، والأساليب التربوية التي تمكننا من التغلب عليها .وحماية أجيالنا الصاعدة من الانزلاق إلى الانحرافات السلوكية التي تهدد مستقبلهم ، وتهدد سلامة المجتمع الذي يعيشون في ظله ، ولاسيما وأنهم سيكونون هم صانعي المستقبل ورجاله ، وعليهم يتوقف تطوره ورقيه وسعادته .
العوامل المسببة لمشاكل أبنائنا :
أن العوامل المسببة لمشاكل أبنائنا السلوكية والشخصية والتأخر الدراسي يمكن إجمالها بما يأتي :
1 ـ عوامل عقلية .
2 ـ عوامل نفسية .
3 ـ عوامل اجتماعية .
4 ـ عوامل جسمية .
5 ـ عوامل اقتصادية .
وسأقدم هنا تفسيراً مختصراً لكل من هذه العوامل كي تعيننا على فهم تلك المشاكل وسبل معالجتها
أولاً ـ العوامل العقلية :
تلعب هذه العوامل دوراً هاماً في كثير من المشاكل ، وأخص منها بالذكر مشكلة التأخر الدراسي ، فمن المعلوم أن أكثر أسباب التأخر الدراسي هو مستوى النمو العقلي ، والقدرة على الفهم والاستيعاب، والذي يختلف من شخص إلى آخر ، فقد يكون التخلف العقلي [بسيطاً ]، وقد يكون [متوسطاً ]، وقد يكون[ شديداً ]، وفي أقسى الحالات يكون [حاداً] . وهذا التخلف ناجم عن ظروف معينة سأتعرض لها فيما بعد عندما أتحدث عن مشاكل التأخر الدراسي .
أما ما يخص المشاكل السلوكية لدى أبنائنا فلا شك أن هناك جملة من العوامل التي تسببها وأخص بالذكر أهم تلك المسببات والتي يمكن حصرها بما يلي : .(1)
1 - التربية الأسرية .
2 - البيئة التي يعيش فيها الأطفال والمراهقين .
3 ـ العوامل الوراثية
إن هذه العوامل تؤثر تأثيراً بالغاً على سلوكهم ،كما أن النضوج العقلي يلعب دوراً هاما في هذا السلوك ، مما سأوضحه عند بحث تلك المشاكل بشيء من التفصيل فيما بعد .
ثانياً ـ العوامل النفسية :
ونستطيع أن نوجز أهم العوامل النفسية التي تلعب دوراً هاماً في حياة أبنائنا وتسبب لهم العديد من المشاكل هي ما يلي :
1 ـ الشـعور بالخـوف .
2 ـ ضعف الثقة بالنفس .
ولابدَّ أن نقف على ما تعنيه هذه العوامل بالنظر لتأثيرها الخطير على سلوك الناشئة .
1 ـ الشـعور بالخـوف :
وهو حالة انفعالية داخلية وطبيعية موجودة لدى كل إنسان ، يسلك خلالها سلوكاً يبعده عن مصادر الأذى . فعندما نقف على سطح عمارة بدون سياج ، نجد أنفسنا ونحن نبتعد عن حافة السطح شعوراً منا بالخوف من السقوط ، وعندما نسمع ونحن نسير في طريق ما صوت إطلاق الرصاص فإننا نسرع إلى الاحتماء في مكان أمين خوفاً من الإصابة والموت ، وهكذا فالخوف طريقة وقائية تقي الإنسان من المخاطر ، وهذا هو شعور فطري لدى الإنسان ، هام وضروري .
غير أن الخوف ذاته قد يكون غير طبيعي [ مرضي ] وضار جداً ، وهو يرتبط بشيء معين ، بصورة لا تتناسب مع حقيقة هذا الشيء في الواقع [ أي أن الخوف يرتبط بشيء غير مخيف في طبيعته ] ويدوم ذلك لفترة زمنية طويلة مسببا تجنب الطفل للشيء المخيف ، مما يعرضه لسوء التكيف الذي ينعكس بوضوح على سلوكه في صورة قصور وإحجام ، وقد يرتبط هذا الخوف بأي شيء واقعي ، أو حدث تخيلي . كأن يخاف الطفل من المدرسة ،أو الامتحانات ،أو الخطأ أمام الآخرين، أو المناسبات الاجتماعية ، أو الطبيب والممرضة ، أو من فقدان أحد الوالدين أو كلاهما ، أو الظلام أو الرعد والبرق ، أو الأشباح والعفاريت وقد يصاحب الخوف لديهم نوبات من الهلع الحاد ، ويتمثل ذلك في [سرعة دقات القلب] و[سرعة التنفس ] و[الدوار أو الغثيان] و [التعّرق الشديد ] و[تكرار التبول والهزال] و[عدم السيطرة على النفس ] ،وكل هذا قد يحدث فجأة وبشدة ،وبدون سابق إنذار . (2)
وقد يسبب الخوف لأبنائنا مشاكل وخصالاً خطيرة معطلة لنموهم الطبيعي تسبب لهم الضرر الكبير والتي يمكن أن نلخصها بما يلي :
1ـ الانكماش والاكتئاب .
2 ـ التهتهة .
3 ـ عدم الجرأة .
4 ـ الحركات العصبية غير الطبيعية .
5 ـ القلق والنوم المضطرب .
6 ـ التبول اللاإرادي .
7 ـ الجـبن .
8 ـ الحساسية الزائدة .
9 ـ الخـجل .
10 ـ التشاؤم .
وفي هذه الأحوال ينبغي علينا نحن المربين ، أباء وأمهات ومعلمين ،أن نقوم بدورنا المطلوب لمعالجة هذه الظواهر لدى أبنائنا ، وعدم التأخر في معالجتها ،كي لا تتأصل لديهم وبالتالي تصبح معالجتها أمراً عسيراً ، ويكون لها تأثيراً سيئاً جداً على شخصيتهم وسلوكهم . ومستقبلهم .
إن مما يثير الخوف في نفوس أبنائنا هو خوف الكبار ، فعندما يرى الصغير أباه ،أو أمه ،أو معلمه يخافون من أمر ما فإنه يشعر تلقائياً بهذا الخوف ، فلو فرضنا على سبيل المثال أن أفعى قد ظهرت في فناء المدرسة أو البيت واضطرب المعلم أو الأب وركض خائفاً منها فإن من الطبيعي أن نجد الأطفال يضطربون ويهربون رعباً وفزعاً مما يركّز في نفوسهم الخوف لأتفه الأسباب .
ومما يثير الخوف أيضاً في نفوس الأطفال الحرص والقلق الشديد الذي يبديه الكبار عليهم ، فعندما يتعرض الطفل لأبسط الحوادث التي تقع له ، كأن يسقط على الأرض مثلاً ، فليس جديراً بنا أن نضطرب ونبدي علامات القلق عليه ، بل علينا أن نكون هادئين في تصرفنا ،رافعين لمعنوياته ، ومخففين من اثر السقوط عليه ، وإفهامه أنه بطل وشجاع وقوي ...الخ، حيث أن لهذه الكلمات تأثير نفسي كبير على شخصية الطفل .
كما أن النزاع والخصام بين الأباء والأمهات في البيت أمام الأبناء يخلق الخوف عندهم ، ويسبب لهم الاضطراب العصبي . وهناك الكثير من الآباء والأمهات والمعلمين يلجاؤن إلى التخويف كأسلوب في تربية الأبناء وهم يدّعون أنهم قد تمكنوا من أن يجعلوا سلوكهم ينتظم ويتحسن . غير أن الحقيقة التي ينبغي أن لا تغيب عن بالهم هي أن هذا السلوك ليس حقيقياً أولاً ، وليس تلقائياً وذاتياً ثانياً ، وهو بالتالي لن يدوم أبداً
إن هذه الأساليب التي يلجأ إليها الكثير من الأباء والأمهات والمعلمين تؤدي إلى إحدى نتيجتين :
1ـ عدم إقلاع الأبناء عن فعل معين رغم تخويفهم بعقاب ما ثم لا يوقع ذلك العقاب ، فعند ذلك يحس الأبناء بضعف المعلم أو الأب أو الأم، وبالتالي
يضعف تأثيرهم بنظر الأبناء .
أما إذا لجأ المربي إلى العقاب فعلاً ،وهو أسلوب خاطئ بكل تأكيد ، فإن الطفل حتى وإن توقف عن ذلك السلوك فإن هذا التوقف لن يكون دائمي أبداً ، ولابد أن يزول بزوال المؤثر [ العقاب ] ،لأن هذا التوقف جاء ليس عن طريق القناعة ،بل بطريقة قسرية .
2ـ خضوع الأبناء ،وهذا الخضوع يخلق فيهم حالة من الانكماش تجعلهم مشلولي النشاط ، جبناء خاضعين دون قناعة،فاقدي،أو ضعيفي الشخصية ،وكلتا النتيجتين تعودان عليهم بالضرر البليغ
كيف نزيل الخوف عند الأبناء ؟
إن باستطاعتنا أن نعمل على إزالة اثر الخوف غير الطبيعي لدى أبنائنا باتباعنا ما يأتي :
1 ـ منع الاستثارة للخوف ، وذلك بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسبب الخوف عندهم .
2ـ توضيح المخاوف الغريبة لدى الأطفال ، وتقريبها من إدراكهم ، وربطها بأمور سارة ، فالطفل الذي يخاف القطة مثلاً يمكننا أن ندعه يربيها في البيت .
3 ـ تجنب استخدام أساليب العنف لحل المشكلات التي تجابهنا في تربية الأبناء . (3)
ب ـ ضعف الثقة بالنفس :
ومن المظاهر التي نجدها لدى أبنائنا الذين يشعرون بضعف الثقة بالنفس هي ما يلي :
1 ـ التردد : فالطفل أو الصبي الذي يعاني من ضعف الثقة بالنفس يتردد كثيراً عند توجيه سوآل ما إليه ، بسبب عدم ثقته بالقدرة على
الإجابة الصحيحة .
2 ـ انعقاد اللسان : وهذا الوضع ناجم أيضاً عن عدم الثقة بالقدرة على
الإجابة الصحيحة .
3 ـ الخجل والانكماش : وهذا ناجم أيضاً من الخوف من الوقوع في الخطأ ،ولذلك نجد البعض يتجنب المشاركة في أي نقاش أو حديث لهذا السبب.
4 ـ عدم الجرأة ، حيث يشعر الإنسان بعدم القدرة على مجابهة الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها.
5 ـ التهاون ، حيث يحاول الشخص تجنب مجابهة الصعاب والأخطار التي تصادفه في حياته .
6ـ عدم القدرة على التفكير المستقل ، حيث يشعر الفرد دوماًبحاجته إلى الاعتماد على الآخرين .
7 ـ توقع الشر وتصاعد الشعور الخوف في أبسط المواقف التي تجابه الفرد .
ونستطيع أن نجمل كل هذه المظاهر بعبارة واحدة هي[الشعور بالنقص ] .
ما هي مسببات الشعور بالنقص ؟
1 ـ الخوف: وقد تحدثنا عنه فيما سبق .
2 ـ العاهات الجسمية : فهناك العديد من الأبناء المبتلين بعاهات جسمية متنوعة ، وهذه العاهات تجعلهم يشعرون بأنهم غير جديرين ، وعلى الأهل و المعلمين أن يهتموا بهذه الناحية اهتماماً بالغاً وذلك بأن يكون موقفهم من هؤلاء الأبناء طبيعياً وعادياً كبقية الأبناء الآخرين بحيث لا نشعرهم بأنهم مبتلين بتلك العاهات ، دون عطف زائد عليهم ، وعدم فسح المجال لزملائهم بالسخرية منهم وتذكيرهم بالعاهة ، وحثهم على احترام زملائهم والتعامل معهم بشكل طبيعي مشبع بروح الاحترام وأن أي سلوك أخر تجاه هؤلاء الأبناء يؤدي بهم إلى ما يلي :
أ ـ التباعد والانكماش .
ب ـ الخمول والركود .
ج ـ النقمة والثورة على المجتمع وآدابه وتقاليده .
3 ـ الشعور بالنقص العقلي : فقد يكون هناك بعض الأبناء قد تأخروا في بعض الدروس لأسباب معينة لا يدركونها ، أو لا يشعرون بها هم أنفسهم ، وهي ربما تكون بسبب مرضي ، أو لظروف اجتماعية ، أو بيئية ، أو اقتصادية ، فعلينا والحالة هذه أن ندرس بجدية أوضاعهم وسبل معالجتها ،وأن نقف منهم موقفاً إيجابياً كي نبعد عنهم روح الاستسلام والفشل ، كما ينبغي على المعلمين أن لا يحمّلوا التلاميذ من الواجبات أكثر من طاقاتهم فيشعرونهم بأنهم ضعفاء عقلياً ، ويخلق لديهم التشاؤم ،والخجل ، والحساسية الزائدة والجبن .
ثالثاً : العوامل الاجتماعية : ومن مظاهر هذه العوامل :
1 ـ الجو المنزلي السائد :
ويتضمن علاقة الأب بالأم من جهة وعلاقتهما بالأبناء ،وأساليب تربيتهم من جهة أخرى ، فالنزاع بين الأم والأب كما ذكرنا سابقاً يخلق في نفوس الأبناء الخوف وعدم الاستقرار ، والانفعالات العصبية .
كما أن التمييز بين الأبناء في التعامل والتقتير عليهم ، وعدم الأشراف المستمر والجدي عليهم ، يؤثر تأثيراً سيئاً على سلوكهم .وسوف أوضح ذلك بشيء من التفصيل في فصل قادم حول أهمية تعاون البيت والمدرسة في تربية أبنائنا .
2 ـ الجو المدرسي العام : ويخص الأساليب التربوية المتبعة في معاملة التلاميذ ، من عطف ونصح وإرشاد، أو استخدام القسوة والتعنيف وعدم الاحترام ومن جملة المؤثرات على سلامة الجو المدرسي:
أ ـ تنقلات التلميذ المتكررة من مدرسة إلى أخرى :
أن انتقال التلميذ من مدرسة إلى أخرى يؤثر تأثير سلبياً عليه ، حيث سيفقد معلميه ، زملائه وأصدقائه الذين تعود عليهم ، وهذا يستدعي بدوره وجوب التأقلم مع المحيط المدرسي الجديد ، وهو ليس بالأمر السهل والهين ،ويحمل في جوانبه احتمالات الفشل والنجاح معاً .
ب ـ تغيب الأبناء عن المدرسة وهروبهم منها :
وهذا أمر وارد في جميع المدارس ، حيث أن هناك عوامل عديدة تسبب التغيب والهروب ، ومن أهمها أسلوب تعامل المعلمين مع التلميذ ، وطبيعة علاقاته مع زملائه ، وسلوكهم وأخلاقهم .
ج ـ تبدل المعلمين المتكرر :
حيث يؤثر هذا التغير المتكرر بالغ التأثير على نفسية التلاميذ ، فليس من السهل أن تتوطد العلاقة بين التلاميذ ومعلميهم ، وإن ذلك يتطلب جهداً كبيراً من قبل الطرفين معا ، و يتطلب المزيد من الوقت لتحقيق هذا الهدف .وهناك أمر هام آخر هو وجوب استقرار جدول الدروس الأسبوعي ، وعم اللجوء إلى تغيره إلا عندما تستدعي الضرورة القصوى .
د ـ ملائمة المادة وطرق تدريسها : وسوف أتعرض لهذا الموضوع في فصل لاحق .
رابعاً : العوامل الجسمية والصحية :
إن لهذه العوامل تأثير كبير على التلاميذ ، من حيث سعيهم واجتهادهم ، وكما قيل { العقل السليم في الجسم السليم }. أن التلميذ المريض يختلف في قابليته واستعداده للفهم عن التلميذ الصحيح البنية. والتلميذ الذي يتناول الغذاء الجيد يختلف عن زميله الذي يتناول الغذاء الرديء ، والتلميذ الذي يتمتع بصحة جيدة وجسم قوي ينزع إلى حب التسلط والتزعم ، وقد يميل إلى الاعتداء والعراك والخصام فالعوامل الجسمية إذاً ذات تأثير بالغ على سلوك الأبناء ودراستهم .(4)
خامساً : العوامل الاقتصادية :
إن العوامل الاقتصادية كما هو معلوم لدى الجميع تلعب في كل المسائل دوراً أساسياً وبارزاً ، ويندر أن نجد مشكلة أو أي قضية إلا وكان العامل الاقتصادي مؤثراً فيها ، فالأبناء الذين يؤمن لهم ذويهم كافة حاجاتهم المادية من طعام جيد وملابس و أدوات ، ووسائل تسلية وغيرها يختلفون تماماً عن نظرائهم الذين يفتقدون لكل هذه الأمور والتي تؤثر تأثيراً بالغاً على حيويتهم ونشاطهم وأوضاعهم النفسية .
وقد يدفع هذا العامل تلميذا للسرقة ، ويدفع تلميذاً من عائلة غنية إلى الانشغال عن الدراسة والانصراف إلى أمور أخرى كالكحول والتدخين والمخدرات وغيرها، مما تعود عليه بالضرر البليغ.
هذه هي العوامل الرئيسية التي تسبب المشاكل لدى الناشئة ،ونعود الآن إلى استعراض تلك المشاكل والتي حددناه بقسمين رئيسيين :
1 ـ المشاكل السلوكية .
2 ـ مشاكل التأخر الدراسي .
أولاً : المشاكل السلوكية :
إن المشاكل السلوكية التي تجابه أبنائنا سواء كان ذلك في البيت أو المدرسة كثيرة ومعقدة ، وأن معالجتها والتغلب عليها ليس بالأمر السهل مطلقاً ، وهو يتطلب منا الخبرة الكافية في أساليب التربية وعلم النفس من جهة ، والتحلي بالحكمة والصبر والعطف الأبوي تجاه أطفالنا سواء في البيت و في المدرسة من جهة أخرى .ولذلك وجدت أن من الضروري أن أتعرض لأهم تلك المشاكل مستعرضاً مسبباتها وأساليب معالجتها والتغلب عليها . ولسهولة البحث نستطيع أن نقسمها إلى قسمين رئيسيين : (5)
1 ـ المشاكل السلوكية الفطرية .
2 ـ المشاكل السلوكية المكتسبة .
وسنلقي الضوء على هذه المشاكل ، وأنواعها ومسبباتها ، وموقفنا منها ، وسبل علاجها في الفصل التالي .